رغم تصريحات اليمينيين في حكومة الاحتلال بأن الإضراب الذي عم أنحاء إسرائيل، أمس الأحد، قد فشل، إلا أن هناك العديد من الأصوات التي رأت أنه لم يفشل، بل ويجب أن يستمر.
ومن بينهم الكاتب والمحلل الكبير ناحوم برنياع، الذي اعتبر أن هناك ما يدعو للتفاؤل لدى مئات الآلاف الذين خرجوا يوم أمس، وأنه سيحركون الماء الساكن، قائلا: «النضال لم يخسر بعد.. وفي النهاية، ستنهار جدران الزوال. وإن لم يحدث ذلك، فسيعرف كل جندي لمن يُدعى للقتال»، في إشارة إلى أن الحرب تخدم مصالح سياسية وليست إسرائيل.
وانتقد برنياع، في مقال له بصحيفة يديعوت أحرونوت، وزير الجيش، يسرائيل كاتس، ورأى أن كاتس أخذ يتباهى بـ«حكمته التكتيكة وذكاءه الاستراتيجي» الأسبوع الماضي خلال منشور سرد خلاله «انجازاته» بأنه من رسم خطة مهاجمة إيران وخطط لعملية «عربات غدعون» واحتلال 75% من قطاع غزة، وأنه من تعامل مع حزب الله وقرر احتلال خمس نقاط في جنوب لبنان، وأنه من أدخل قوات الجيش الإسرائيلي إلى الجنوب السوري و«دافع» عن الدروز، كما ادعى وزير الجيش أنه بسبب سياساته ترجعت معدلات العمليات في الضفة الغربية.
وأكد الكاتب الإسرائيلي أن من تابع عمليات صنع القرار في المؤسسة العسكرية في الأشهر الأخيرة سيقرأ هذه الكلمات ويبتسم.
وشدد على أن كاتس – المدني وليس العسكري - «جلب الكثير من الإحباط والاشمئزاز لمبنى وزارة الجيش.. مغلفًا بانعدام الأمن المزمن وتجربة فاشلة من مناصبه السابقة».
واعتبر برنياع أن كاتس يتبع سياسة مشابهة لسياسات الإقصاء التي يتعامل بها وزير العدل، ياريف ليفين، بالمنظومة القضائية، وينقض ويشوّه ويسعى إلى إدخال سياسة تعيين - على غرار الليكود - في مكان يجب أن تكون السياسة فيه محظورة.
احتلال غزة «مقامرة»
ورأى برنياع أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، يدفع باتجاه احتلال مدينة غزة لأنه نجح في إقناع الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، بأنه سيشن عملية عسكرية سريعة وخاطفة سيسيطر على غزة، وعندها ستنهار حماس من تلقاء نفسها.
وأكد الكاتب أن احتلال غزة «مقامرة مزدوجة وثلاثية»، وأنه من المشكوك فيه إمكانية إتمامه بالسرعة التي وعد نتنياهو الرئيس الأميركي؛ ومن المشكوك فيه أيضًا نجاة المحتجزين الأحياء؛ ومن المشكوك فيه أيضًا أن تُهزم حماس.
وأوضح أن «نتنياهو يُقاتل من أجل صورته»، غمن المهم جدًا بالنسبة لرئيس الحكومة أن يُظهر نفسه كرجل أنقذ، لا كرجلٍ تخلّى، معتبرا أنه كان من الوقاحة إلقاء اللوم في إضراب يوم أمس على عائلات المحتجزين من شخص رفض تحمل مسؤولية عن هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
واستطرد برنياع: «حتى الاتفاق يُعتبر مقامرة: فهو ينطوي على تكاليف باهظة، ومخاطر أمنية، وفي حالة نتنياهو، أزمة سياسية».
وتابع: «منذ اثنين وعشرين شهرًا، تلعب حماس والحكومة الإسرائيلية لعبة شد الحبل: عندما تريد الحكومة صفقة، يتصلب مبعوثو حماس؛ وعندما تريد حماس صفقة، تتهرب حكومتنا؛ وعندما يريدون مخططًا جزئيًا، يُصرّون على مخطط كامل فقط؛ وعندما يريدون مخططًا كاملًا، يُصرّون على مخطط جزئي فقط. والنتيجة هي العبث».