تستعد إسرائيل لبدء احتلال مدينة غزة، في إطار عملية «عربات غدعون2» التي أقرها رئيسا الأركان والحكومة.
وفي الأثناء، يستعد جيش الاحتلال لتلك العملية، ويجهّز فرقًا نظامية أخرى على مشارف المدينة.
ورغم ضغوط رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لتسريع العملية، فإن جيش الاحتلال لا يريد التسرع، ويعمل على استخلاص العِبر والدروس من العمليات السابقة منذ بداية الحرب، وإدارة الحدث، والسماح بإجازات منظمة للجنود الذين سيشاركون في تلك العملية – حتى لو كان ذلك على حساب تمديدها إلى ستة أشهر أو أكثر.
وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إنه خلال مناقشات هيئة الأركان مع قادة الفرق الخمس التي ستشارك في العملية المقبلة في مدينة غزة، تم الاتفاق على الخطوط الحمراء التي وضعها رئيس الأركان، إيال زامير، فيما يتعلق بتجهيز القوات، وتناوب الإجازات بين السرايا والكتائب، وسحب الدبابات والجرافات وناقلات الجند المدرعة للخضوع لعمليات الإصلاح والصيانة.
وأوضحت الصحيفة أنه على الرغْم من الضغوط الشديدة من المستوى السياسي، فإن الجيش الإسرائيلي غير مستعد لاستنزاف القوات المنهكة أكثر، ويرفض تكرار المواقف المتطرفة المثيرة للجدل في العمليات السابقة منذ بداية الحرب.
ولفتت إلى أنه لم تطرأ تغييرات على سياسة الإجازات في وحدات الجيش الأخرى، وقالت: «بعد تقييم الوضع، تقرر في هذه المرحلة السماح للجنود في وحدات الخط الخلفي أو تلك التي لم تشارك بشكل كامل في عملية (عربات غدعون 2) في مدينة غزة بمواصلة روتينهم، مع الإجازة أيضًا لغرض السفر إلى الخارج».
وبحسب «يديعوت»، فإن كبار المسؤولين في الجيش يدركون أن جزءًا كبيرًا من قادة الألوية والكتائب النظامية الذين سيشاركون في «عربات غدعون 2» هم جدد نسبيًّا ولم يشاركوا في الحرب على غزة، وبالتالي لديهم ميزة بأنهم يتمتعون بمستوى أعلى من التحفيز الذي يمكن أن ينتقل إلى مرؤوسيهم، الذين التحق معظمهم بالجيش في العام الماضي، ولم يكن لديهم الوقت للمشاركة في العمليات.
وصرّحت مصادر في الجيش الإسرائيلي لصحيفة «يديعوت أحرونوت» بأنه: «سيتم إدارة الحدث بحكمة... ستكون هناك جداول زمنية منظمة، وسيعود الجنود إلى منازلهم، ويلتقون بقادة السرايا، ولن نكرر الأخطاء التي ارتُكبت في بداية الحرب».
أضافت: «سيتم أيضًا مراعاة جنود الاحتياط، وسنسعى لإخراج الجنود لقضاء عطلات الأعياد... لن نتسرع في إعلان تسريح الاحتياط، وإذا فعلنا، فسيكون ذلك تفاضليًّا، تحت إشراف هيئة الأركان العامة، وليس بناءً على رغبات قادة الوحدات المحلية. نحن في سباق ماراثوني، وليس سباقًا قصيرًا».
وأكّد الجيش أنه في حالات الطوارئ، يحق لرتبة مقدم فما فوق إلغاء إجازة معتمدة حتى في وقت قصير، موضحًا: «سندعم أفراد الخدمة الدائمة خلال الفترة المتوقعة، لأننا ندرك أن هذه فترة حافلة بالانشغالات والإرهاق».
وفي الأيام الأخيرة، بدأ الجيش بفحص الكتائب التي تم استدعاؤها بموجب الأمر (رقم 8) – الخاص باستدعاء القوات – لمطلع سبتمبر/أيلول، لمعرفة عدد الكتائب التي ستصل فعليًّا في وقت قصير، بعد أن أمضى الكثير منهم عامًا كاملًا في الخدمة العسكرية بعيدًا عن منازلهم منذ 7 أكتوبر.
وصدرت تعليمات لقادة الاحتياط بأن يكونوا «سخيين» قدر الإمكان في إعادة الجنود إلى منازلهم (الإجازات)، وفي النظر في طلباتهم للحصول على إجازات عائلية أو عمل أو دراسية.
3 مراحل للتجنيد
من المفترض أن يحل جنود الاحتياط محل الكتائب النظامية التي ستشكّل أساس العملية في مدينة غزة، في مختلف قطاعات الضفة الغربية والشمال. وسيتم تجنيدهم على ثلاث مراحل مدروسة ومنتظمة، في سبتمبر/أيلول، ونوفمبر/تشرين الثاني، ومارس/آذار.
ويهدف الجيش الإسرائيلي إلى الحفاظ على نموذج التدريب الأسبوعي لجنود الاحتياط حتى خلال فترة العملية في مدينة غزة، أي السماح لجندي الاحتياط بقضاء أسبوع في منزله خلال فترة خدمته، على حساب النظاميين، بطريقة تتيح له أيضًا العمل والدراسة أو التركيز على عمله، وبالتالي زيادة دخله ونَيل قسط من الراحة.
ويدرك الجيش أيضًا أن الجنود الذين لا يستطيعون الحضور هذه المرة، ستكون هناك حاجة إليهم في المستقبل، حيث يُقدّر أن القتال البري سوف يستمر في السنوات المقبلة في كل سيناريو ممكن، وكما يمليه الواقع.
تقسيم غزة
أعرب كبار مسؤولي الجيش – الذين شاركوا في مناقشات مع نتنياهو، ناقش خلالها خطط القتال في غزة – عن إعجابهم بفهمه لقيود الاستنزاف والأعباء الثقيلة على الجنود، حتى لو كان الثمن هو بدء متأخر وعملية أبطأ وأكثر تدرّجًا في مدينة غزة.
وبناءً على ذلك، فإن التعريف الرسمي الذي وضعه مجلس الوزراء للجيش هو «السيطرة» على مدينة غزة، وليس «احتلالها»، بحسب الصحيفة.
بالتالي، يمكن الافتراض أن القوات ستقسّم المدينة وتجزّئها إلى عدة محاور.
كما أن هناك عاملًا آخر سيُبطئ وتيرة القتال، وهو سياسة هيئة الأركان بعدم تعريض المحتجزين للخطر، حيث سيتم عرض خرائط رقمية لمواقع كل قائد كتيبة ولواء قتالي يشارك في العمليات في غزة، وفقًا لتقديرات الاستخبارات، وذلك لتجنّب مهاجمة هذه الأماكن أو إطلاق النار عليها، ومحاولة عدم الاقتراب منها.
وقالت الصحيفة إن الشرط الأول قبل كل هذا هو إخلاء نحو مليون فلسطيني من مدينة غزة، حيث يخشى الجيش من أنه تحت غطاء الحركة الجماعية للنازحين جنوبًا، إذا نجحت في الأسابيع المقبلة، فإن «حماس» ستحاول نقل المحتجزين الأحياء كدروع بشرية إلى أماكن أخرى، على حد قولها.
ومدينة غزة أصغر مساحة من خان يونس، وفيها مبانٍ عالية تضرّر معظمها لكنها لا تزال قائمة، وتحتها العديد من الأنفاق، بعضها تم ترميمه، والبعض الآخر لم يكتشفه جيش الاحتلال بعد، ولم يتم التعامل معه، وفقًا لـ«يديعوت».