ظاهرة الترحال صفة بدوية ملازمة للموريتاني في كل منصب وآن ..
مناسبة هذا الحديث هو ضعف التراكم في العمل الإداري ببلادنا ..
فمثلا كل وزير وافد أو مدير جديد يفضل أن يبدأ من الصفر لأنه ببساطة يحب أن تكون البداية على يديه وفي عهده الميمون، وهذه خاصية سلبية في العمل الإداري (تراكم العمل مصدر غني للاستفادة من الخبرات الوطنية، ويساهم في انسابية العمل الإداري بالبلد).
ويكفي للتدليل على هذه الظاهرة أن نشير إلى أن قطاع التهذيب الوطني الحساس تعاقب عليه حوالي (50 وزيرا ) منذ الاستقلال؛ أي بمعدل وزير كل سنتين ـ تقريبا، ـ
وهنا يحق لنا أن نتساءل؛ كيف يمكن لقطاع تتغير خططه وأولياته كل سنتين أن يضع استيراتيجية للنهوض في هذه الفترة الوجيزة أحرى أن يبتكر العلاج المناسب لأمراضه المزمنة.
قطاع الاتصال هو الآخر شهد تعاقب ثمانية وزراء في 10 سنوات، بمعدل وزير كل سنة ـ تقريبا ـ وهوقطاع حساس ؛ لأنه يعنى بالسياسة الإعلامية التي هي واجهة البلاد على الخارج.
كما أن قطاع الثقافة تعاقب عليه ستة وزراء في الأعوام الست الماضية بمعدل سنة لكل وزير وهو من القطاعات الهامة والحساسة كذلك.
إن عدم وجود تراكم في العمل الإداري بالقطاعات الحكومية وعدم استقرارها يعتبر عائقا كبيرا أمام إعداد وتنفيذ الخطط الفعالة على المديين المتوسط والبعيد.
من هنا يجب على الحكومة الجديدة وضع تصور واضح يمكن إنجازه في المأمورية الجديدة، ويسمح بمواصلة المسير بغض النظر عن الشخصيات التي تذهب وتجيئ.
بذلك وحده يمكن كسب الرهان ومواصلة العمل بما يعود بالنفع والخير العميم على الوطن والمواطن.
إن الدول مثل البنيان لا يمكن أن تشيد من فراغ بل لابد في سبيل ذلك من تراكم العمل والتجارب ووضع الاستيراتيجيات المستمرة.
ختاما من الواجب علينا أن ندرك أن ازدهار الوطن مسؤولية الجميع وأن الاستفادة من العمل المتواصل والتجارب المكثفة التي لا يلغيها انصراف وزير ولا تعيين آخر هي الكفيلة وحدها بتغيير الواقع .
وقد أجاد الشاعر وصدق حين قال :
متى يبلغ البنيان يوما تمامه
إذا كان بان تحته ألف هادم