هجرة الشباب الموريتاني إلى أمريكا.. بين أحلام الثراء وغموض المستقبل

خاص /  الجديد نيوز

تقرير: محمد ولد أعمر

أحلام الثراء السريع وفرص الرفاه والمظهر المادي المترف أبرز دوافع هجرة الشباب الموريتاني غير الشرعية إلى أمريكا.

مخاطر عديدة ومصاعب كثيرة تحف هذه الأحلام الوردية، فبلاد "العم سام" صعبة المراس، وطوفان المهاجرين هادر بقوة إليها، وفرص العمل والاندماج باتت ضئيلة.

في التقرير التالي نعالج موضوع: هجرة الشباب الموريتاني إلى أمريكا بين أحلام الثراء وغموض المستقبل

 

رحلة محفوفة بالمخاطر:

"الحلم الأمريكي لا يزال متاحا" توجد هذه الجملة بمقاطع ترويجية على موقع "تيك توك" من أجل ترويج هجرة المزيد من الشباب إلى أمريكا.

يبدأ مسار الرحلة إلى أمريكا عبر الرحلات الجوية للمهاجرين الموريتانيين إلى تركيا مرورا بكولومبيا والسلفادور وتنتهي بمدينة "ماناغو" في نيكاراغوا، ومن هنالك يتم نقلهم مع طالبي لجوء الدول الأخرى بواسطة مهربين، وتمر الرحلة الصعبة بوديان وأحراش ومسطحات مائية وكثيرا ما يتعرض المهاجرون لكمائن العصابات وقطاع الطرق.

 

أسباب عديدة.. وإهمال رسمي

يقول مراقبون إن أسباب هجرة الشباب الحالية إلى أمريكا لها أسباب عديدة من أهمها:

تفاقم البطالة بين صفوف الشباب، وضعف السياسات الحكومية المتعلقة بالتشغيل والواقع المزري للشباب وخلق بيئة طاردة للكفاءات رغم الحاجة الماسة لهم في كل الميادين، بالإضافة إلى غياب مشاريع ذات تمويل حكومي، وغياب خلق فرص تشغيل كبيرة في القطاعات الإنتاجية العملاقة  (الزراعة المعادن والبترول والصيد) ومحدودية الاكتتابات في القطاعات الحكومية.

كما أن ظاهرة التقليد الأعمى لدى الموريتانيين وحب المظاهر المادية لتأثيرها الكبير في المجتمع، عوامل ساهمت كلها في استفحال هذه الظاهرة.

 

الفئات المهاجرة

حسب بعض المصادر فإن الفئات المهاجرة إلى أمريكا تنقسم إلى ثلاث:

قصرــ عاطلون عن العمل ــ بعض الموظفين؛  وطبعا فإن فئة العاطلين عن العمل هم الأكثرية من بين هذه الفئات.

ويعمل معظم هؤلاء المهاجرين في القطاع غير المصنف كـ"التجارة والمطاعم وحراسة المخازن والسياقة"  وقد وجد كثير من المهاجرين مؤخرا صعوبة في إيجاد فرصة عمل له، نظرا لغياب أي تكوين مهني لديه، على العكس من البعض الذي ساهم تكوينه المهني في حصوله على فرصة عمل بسرعة.

 أما المجالات الأخرى كـ"التجارة والسياقة"  فقد كثر الطلب عليهما ولم تعد فرصة العمل فيها متاحة بسهولة.

وتشير بعض المصادر إلى أن الموجات الأخيرة من المهاجرين الشباب وجدوا صعوبة كبيرة في الحصول على السكن والمؤونة نظرا لازدحام سوق الشغل الخاصة بهم.

ورغم أن أهل هؤلاء المهاجرين بذلوا الغالي والنفيس في سبيل تجهيز الشاب لديهم للوصول إلى بلاد الأحلام، فإن خيبة الأمل مازالت تقلق الكثيرين من ذويهم،  بسبب تأخر حصولهم على فرصة عمل أو ما يمكنهم من الاعتماد على أنفسهم بالدرجة الأولى من حيث العمل وفرص الدخل.

 

أرقام لها دلالة:

ـ 8500 موريتاني وصلوا إلى أمريكا ما بين مارس ويونيو 2023؛

ـ 15000 وصلوا أمريكا ما بين 2021 ومارس 2023؛

ـ تكلفة الرحلة ما بين 8000/ 10000 أي ما يساوي ما بين: 3 إلى 4 مليون أوقية قديمة؛

ـ نسبة البطالة في موريتانيا حسب الأرقام الرسمية: 12 بالمائة وحسب متابعين للمؤشرات الاقتصادية لا تقل عن 30 في المائة؛

ـ الدخل المتوقع للمهاجرين الموريتانيين سنويا 200 مليون دولار

 

مستقبل غامض

أمام احتمالية وصول المرشح الجمهوري "دونالد ترمب" مجددا للسطلة وطرده للمهاجرين غير الشرعيين، وما يمكن أن يوصف بتسونامي المهاجرين الموريتانيين إلى أمريكا وضغطهم على فرص العمل المناسبة لهم، ومتابعة سفارة أمريكا هنا للموضوع بجدية وإصرارها على وقف الدولة الموريتانية لطوفان الهجرة، فإن مستقبل هجرة الموريتانيين إلى أمريكا سيكون أمام مستقبل غامض،  ورغم ذلك فإن بعض الاقتصاديين يتفاءلون بالمردود الإيجابي من عائدات تحويل المهاجرين إلى أسرهم ورجوع بعضهم إلى الاستثمار هنا بالبلد وممارسة نشاطات اقتصادية جديدة مع جلب خبرات مهمة.

صفوف طويلة من الشباب في المطار.. انتظار السفر إلى المجهول ..أحلام وردية.. أسر تتوق لتغيير واقعها المادي نحو الأفضل.. سلطات تسعى للتصدي للظاهر.. ظروف دولية متغيرة وأحلام في مهب الريح.