قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن حكومة اليمين الإسرائيلية، برئاسة بنيامين نتنياهو، تعمل على إفشال المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة مع حركة حماس، وأنها تمارس التضليل وتروِّج الأكاذيب لتحقيق تلك الغاية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمني بارز مطَّلع على الاتفاق مع حماس، دون الإشارة إلى هويته، قوله: «في كل مرة تعتقد أنك لن تنحدر إلى مستوى أدنى، لا بالأكاذيب، ولا بالانقلاب الكامل للأولويات، يتبيَّن أنك كنت مخطئًا، وأن ذلك ممكن بالفعل»، مؤكدًا أن المسؤولين الإسرائيليين يقدمون المصالح السياسية على حياة المحتجزين.
وأضاف: «هناك مستوى أدنى بكثير مما قد يفعله هؤلاء الناس لتحقيق أهدافهم السياسية على حساب حياة المحتجزين».
اتهام حماس
خلافًا لتصريحات رئيس لجنة الشؤون الأمنية والخارجية بالكنيست، يولي إدلشتاين، بشأن الشروع في محادثات المرحلة الثانية من الاتفاق، خرج المتحدث باسم نتنياهو الخميس الماضي ليؤكد أن إسرائيل لا تتفاوض حاليًا على المرحلة الثانية من الصفقة، كاشفًا عن أنها تنتهك الاتفاق مع حماس.
ولفتت الصحيفة إلى أنه من المهم الانتباه إلى صياغة بيان المتحدث باسم رئيس الوزراء، إذ لا تجد إسرائيل أي مشكلة في اتهام حماس بانتهاك الاتفاق، بينما تنفي وجود المفاوضات المتفق عليها ضمن الاتفاق.
وينص اتفاق وقف إطلاق النار على أنه في اليوم السادس عشر من المرحلة الأولى، تبدأ المحادثات غير المباشرة بين الطرفين بشأن المرحلة الثانية، أي قبل نحو أسبوعين، لتنفيذها بشكل مكثف والانتهاء منها بحلول اليوم الخامس والثلاثين من وقف إطلاق النار، أي بعد أسبوع آخر من اليوم.
وقال المسؤول الإسرائيلي: «في هذا الوضع، حتى لو كانت جميع الأطراف متحمسة للغاية للتوصل إلى اتفاق، فليس هناك أي أمل في أن يتمكنوا من تلخيص كل التفاصيل المعقدة في غضون أسبوع».
وأضاف: «هذا ليس نقاشًا تافهًا، بل يتعلق بالقضية الأكثر أهمية على جدول الأعمال حاليًا، وهذا مهم لأن هناك خطرًا من أن تؤدي المماطلة إلى انهيار المرحلة الأولى وعدم إعادة كل المحتجزين حتى في ظل الاتفاق الحالي».
حياة المحتجزين
أكد أن هناك أهمية استراتيجية أيضًا للاتفاق، إن لم تكن تاريخية، لأن استكمال المرحلة الثانية سوف يشكل بداية الخطوات نحو اتفاق أوسع - مهما كان محتواه - بشأن اليوم الجديد على حدود غزة وإسرائيل، واليوم الجديد في الشرق الأوسط.
وأضاف: «دون الاتفاق على ذلك، لا يمكن لأي شيء آخر أن يتقدم إلى الأمام».
وشدد على أن الفشل في استكمال الاتفاق سيعرّض حياة المحتجزين للخطر، كما سيؤدي إلى تجدد القتال الذي سينتهي إلى طريق مسدود.
ونقلت «يديعوت أحرونوت» عن مسؤول آخر في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي قوله: «إن نتنياهو وأنصاره محاصرون هنا في الأساس، فهم لا يهتمون بما يحدث في العالم الخارجي، أو بالسياسة الخارجية، أو حتى بإسرائيل».
وأوضح أن نتنياهو يسارع إلى نفي خوض مثل هذه المفاوضات، ولكنه لا يلقي باللوم على حماس، لأنه إذا فعل ذلك، فإن الاستنتاج الذي سينبثق هو أن إسرائيل مهتمة بعقد هذه المفاوضات من الأساس.
وقال المصدر إن أحد الأدلة على أن نتنياهو يحاول إفشال الصفقة هو تصريحاته وتصريحات المقربين منه ووزراء في الحكومة بأن إسرائيل إما تنوي العودة إلى القتال أو تشترط لتوقيعها على المرحلة الثانية استسلام حماس دون شروط، وتسليم سلاحها، وتفكيك قطاع غزة، وهو شرط لن توافق عليه حماس بطبيعة الحال.
الترويج للأكاذيب
حذر مصدر أمني من أن إسرائيل، عبر التصريحات المتشددة والتهديدات القاسية وخرق الاتفاق، تتجه نحو انهياره، وبالتالي يتزايد خطر العودة إلى القتال، مشيرًا إلى أنه كان ينبغي للمؤسسة الأمنية أن تحتج وتسلم المفاتيح.
وأكد المسؤول أن التضليل والأكاذيب مستمرة من قبل المستوى السياسي الإسرائيلي لإفشال المرحلة الثانية من الصفقة، مشددًا بقوله: «إسرائيل لا تنوي التوقيع على المرحلة الثانية».
ولفت إلى عدة أمثلة، من بينها الوفد التفاوضي الذي ذهب إلى قطر، مشيرًا إلى أن نتنياهو أرسل ضمن الوفد غال هيرش، الذي لم يشارك سابقًا بشكل كبير في جولات المحادثات، وأن الهدف من إرسال الوفد إلى الدوحة هو فقط إظهار التعاون للولايات المتحدة.
كما أن هذا الوفد لم يحصل على أي تفويض من نتنياهو للتوصل إلى تفاهمات حول أي من النقاط، قائلًا: «من المستحيل التقدم في المفاوضات إذا كان أحد الأطراف غير مهتم».
كذلك أعلنت حماس خلال الأسبوع الماضي وقوع سلسلة من الخروقات الإسرائيلية الجسيمة فيما يتصل بنقل المعدات الإنسانية، وخاصة الكرفانات والخيام، إلى شمال قطاع غزة، وبينما أنكر المسؤولون في إسرائيل ذلك وهددوا بالعودة إلى القتال، إلا أنهم في نهاية المطاف تعرضوا لضغوط من الوسطاء لفك الحصار الذي كان يؤخر الإمداد، وتم حل المسألة.
وأضاف المصدر: «الشيء الرئيس هو أن حكومة نتنياهو تفعل كل شيء لمنع توقيع المرحلة الثانية، كما قررت إدارة ترمب أيضًا انتهاك الاتفاق الذي وقَّعته هي نفسها».