إسرائيل تدمر حي الزيتون أكبر أحياء مدينة غزة وتهجّر سكانه قسرًا

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي تقوم منذ ستة أيام بتسوية حي الزيتون، جنوب شرقي مدينة غزة، بالأرض، مدمّرة نحو 400 منزل عبر تفجيرها بروبوتات مفخخة وقصفها بالطائرات الحربية، ضمن هجوم عسكري واسع النطاق يستهدف تدمير محافظة غزة على غرار ما جرى في محافظات رفح وخان يونس وشمال القطاع، والقضاء على سكانها وتهجير من ينجو منهم قسرًا، في إطار جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها ضد الفلسطينيين في القطاع.

وأوضح المرصد الأورومتوسطي في بيان صحفي اليوم السبت، أنّ الهجوم العسكري على حي الزيتون، الذي بدأ في 11 أغسطس/آب الجاري، يأتي في إطار خطة معلنة من إسرائيل لفرض سيطرتها الكاملة وغير القانونية على مدينة غزة، وتهجير سكانها مع النازحين إليها من شمال القطاع، والذين يُقدَّر عددهم بنحو مليون نسمة، إلى مناطق معزولة ومحدودة المساحة جنوبي قطاع غزة.

وأشار إلى أنّ قوات الاحتلال تستخدم طائرات مسيّرة من نوع «كوادكوبتر» لحصار المربعات السكنية في حي الزيتون وإجبار السكان على المغادرة تحت تهديد السلاح، فيما تتقدّم آلياتها العسكرية تحت غطاء ناري كثيف وتتمركز خلف شارع 8 وقرب مفترق «دُولة» وأرض «البرعصي» و«عليين»، منبهًا إلى أنّ ذلك دفع أكثر من 90 ألف مواطن من سكان الحي للنزوح تحت القصف المكثف.

وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّ فريقه الميداني وثّق استهداف قوات الاحتلال منازل عائلات «لبد»، «العايدي»، «دادر» و«ارحيم»، ما أسفر عن مقتل 9 مواطنين من عائلة «ارحيم». كما وثّق قصف الطائرات الحربية منازل في محيط مسجد «بلال بن رباح»، شمل منازل عائلات «دلول» و«النعسان» ومقر شركة «السكسك»، إضافة إلى عمارات «كحيل»، «شهد» و«صيام»، وقصف منزل لعائلة «الحصري» قرب مسجد «الفاروق»، ما أدى إلى مقتل 4 مواطنين.

وأفاد المرصد بأنّ قوات الاحتلال فجّرت عشرات المنازل في شارع 8 وبداية منطقة «حسن البنا»، واستهدفت خيام نازحين من عائلة «حنيدق» ما أسفر عن مقتل 7 مواطنين. كما استهدفت عدة منازل في محيط «الكلية الجامعية»، ومدرستي «الفلاح» و«عين جالوت»، ومركز إيواء تابع للأوقاف في شارع «البساتين»، ما أوقع 8 قتلى، بالإضافة إلى قصف منزل عائلة «أبو دف» الذي أسفر عن مقتل 12 شخصًا.

وبيّن أنّ القصف المدفعي والجوي ما يزال مستمرًا على مناطق «حسن البنا»، «المصلّبة»، «الكلية الجامعية»، «النديم» وشارع المدارس، مع وجود جثامين لمدنيين قُتلوا في غارات إسرائيلية بالطرقات قرب مدرسة «عين جالوت» ومسجد «بدر»، تعذر انتشالها بسبب استمرار القصف.

كما قصفت الطائرات الإسرائيلية عمارة «الحويطي» في البلدة القديمة قرب مسجد «كاتب ولاية»، ما أسفر عن مقتل سيدة وطفلتها، إلى جانب استهداف أرض فارغة قرب المسجد.

وفي إفادتها لفريق الأورومتوسطي قالت المواطنة أم رائد (45 عامًا): «خرجنا قبل الفجر نركض مع الأطفال ونحن لا نحمل شيئًا، الرصاص فوق رؤوسنا والقصف يهز الأرض، تركنا بقايا البيت وكل ما نملك».

أما محمد د. (33 عامًا) فأفاد أنّه اضطر للنزوح مع أسرته بعد قدوم طائرة «كوادكوبتر» وإطلاقها النار عشوائيًا. وقال: «لم أستطع حتى أخذ شهادات ميلاد أطفالي، الطائرات فوقنا والآليات تقترب، شعرت أننا سنموت إذا بقينا دقيقة واحدة».

كما أفادت المواطنة سحر ل. (29 عامًا)، التي كانت تقطن قرب مسجد بلال بن رباح: «الوضع كان مخيفًا ومرعبًا، كنت أحتضن ابنتي وأمشي على الزجاج والركام، الدخان والحرائق حولنا، وأصوات الانفجارات تدوي في كل مكان، خرجت وأنا لا أعرف أين أذهب. يارب فرّجها علينا. يكفي يا عالم».

وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ تدمير نحو نصف منازل حي الزيتون لم يُبرَّر بأي ضرورة عسكرية، إذ لم تُسجَّل اشتباكات مسلحة في المنطقة خلال الفترة الأخيرة، فيما جرى استخدام وسائل تفجير آلية وروبوتات مفخخة بشكل واسع ومنهجي بعد إخلاء المنازل من سكانها، ما يؤكد أنّ الغاية من العملية ليست تحقيق هدف عسكري مشروع، بل استهداف مقومات الحياة الفلسطينية ودفع السكان نحو التهجير القسري.

وشدّد المرصد على أنّ ما يجري في حي الزيتون، أكبر أحياء مدينة غزة مساحة، يندرج ضمن سياسة إسرائيلية ممنهجة تهدف إلى استكمال جريمة الإبادة الجماعية ومحو المدن الفلسطينية من خلال التدمير الشامل للمنازل والبنية التحتية وإزالة مقومات الحياة الأساسية.