الطلاق في موريتانيا...بركان صامت يهدد المجتمع

!
إنه  بركان صامت  يهدد المجتمع وسوس ينخر جسمه ...
أرقام صادمة تكشف عن مآسي وأهوال خلفتها تلك الظاهرة المستفحلة في المجتمع .
صورة قاتمة توضح تفاقم المشكلات الناتجة عن عبث بعض الرجال بمسؤولياتهم تجاه اللبنة الأولى في المجتمع 
نساء يعانين الأمرين في سبيل إعالة أبنائهم بسبب تهرب الرجل في ظل غياب أي رادع قانوني او اجتماعي.
أطفال متشردون يعانون الجوع والضعف والخصاصة والتسرب المدرسي والأمراض النفسية بسبب استهتار رجل لا يقدر الحياة الزوجية.
مجتمع تعيش ثلث نسائه كمعيلات للأسر ويعاني جزء كبير من أطفاله من الحرمان وغياب دور الأب.
في التقرير التالي نعرض لظاهرة الطلاق في موريتانيا الأسباب والمخلفات والحلول.

أسباب شتى .. ونتيجة مرة 
يصعب حصر أسباب الطلاق في موريتانيا لكن المسوح والدراسات التي أجريت منذ الاستقلال تؤكد أن أهمها اقتصادية وتعود لضعف المستوى الاقتصادي للزوج وتدخل الأهل في الحياة الأسرية والفارق الكبير في العمر بين الزوجين واختلاف مستويات التعليم والصحة والزواج المبكر وعدم تهيئة الشباب للحياة الزوجية وضعف الرقيب الاجتماعي وإهمال المرأة لواجباتها المنزلية وعدم الصراحة بين الزوجين وتباين الشريكين في القيم الثقافية وحتى تباين العادات والتقاليد بين مناطق البلاد والغيرة وانعدام الثقة  وغياب أوضعف القوانين التي تلزم الرجل بتبعات الزواج.
تقول الباحثة الاجتماعية الدكتورة تربه بنت صالح إن أسباب الطلاق كثيرة منها اقتصادي يرجع لغياب ظروف مادية مناسبة لدى الزوج واجتماعي يتعلق بالزواج المبكر ودعم المجتمع للمرأة المطلقة.
أرقام صادمة... لواقع مأساوي.!
تشير الحصائيات المتوفرة إلى  معطيات صادمة لمخلفات الطلاق حيث كشف تقرير صادر عن وزارة العمل الاجتماعي والطفولة والأسرة العام الماضي أن نسبة الطلاق العامة في البلد تصل 31% وهي الأعلى عربيا مقارنة ب7.5% سنة 1977 و6,5% سنة 1988.
كما تشير الدراسة السابقة إلى أن نسبة 60 % من الزيجات تعرف الطلاق بعد 5 سنوات  من الزواج ، كما أن كل 10 زيجات تنتهي خمس منها بالطلاق بسبب ارتفاع تكاليف الزواج وغلاء المهور وارتفاع البطالة بحسب النيني مكلف بمهمة في وزارة العمل الاجتماعي والطفولة والأسرة،  ويؤكد أن الكثير من الرجال لديهم نظرة مبسطة للزواج حيث يرون أنه أمر سهل لكنهم سرعانما يدركون صعوبته في الواقع فيبدأون بالتهرب من المسؤولية.
وأضاف أن نسبة 44 % من الأطفال يعيشون مع أحد الأبوين ويساهم التفكك الأسري في نسبة 27 % من التسرب المدرسي.
في قراءة لتلك الأرقام نجد مئات الأسر تعيلها امرأة في ظل غياب الزوج الذي طلقها وتهرب من مسؤولياته المتعلقة بالنفقة والكسوة والسكن .
نتائج مأساوية... أطفال مشردون في الشوارع تحدق بهم الأخطار.. التسرب المدرسي ، ممارسة النشل وربما تلقفتهم عصابات الإجرام المختلفة لنكون أمام جيل من الأطفال ناقمين على المجتمع الذي تسبب لهم في الضياع.
في الوجه الثاني للصورة ... نساء يكابدن مطاردة لقمة العيش من أجل أبنائهم في ظروف حالكة  وفي تمالؤمن المجتمع وغياب من الدولة وردع القانون .
الأطفال المتنازعون مع القانون نتيجة حتمية لفوضى الطلاق وتخلى الوالدين عن تربيتهم  بطريقة صحيحة ، تصدع كبير في المجتمع تسببت فيه فوضى الزواج ... الطلاق بركان صامت يعيش المجتمع تخوفا كبيرا من حممه التي لا ترحم وتهدد بنسف كيان المجتمع .
حلول مطلوبة ...ومجتمع متمالئ
يرى كثير من المهتمين بالدراسات الاجتماعية أن المجتمع الموريتاني متمالئ مع الزوج في مسألة انتشار الطلاق حيث يحمل المرأة غالبا مسؤولية الطلاق ويرى سعي المطلقة في المطالبة بحقوق أبنائها عارا في بعض فئات المجتمع. 
ما لم يتم القضاء على هذه النظرة المتخلفة فإن فئة كبيرة من المطلقات ستظل ترزح تحت وطأة ضياع حقوق أبنائها في ظل تهرب بعض الأزواج من أداء أبسط حقوق أبنائه حتى إنه يبخل بتوثيقهم في السجلات الرسمية للحصول على أوراقهم.
من الحلول الأخرى المطلوبة هو سن قوانين رادعة وتطبيقها  ضد الطلاق التعسفي وإلزام الزوج بتقديم النفقة والكسوة والسكن لأبنائه بعد الطلاق، وإنشاء صندوق حكومي يجمع النفقات من المطلقين ويسلمها للمطلقات، وضع مؤخر صداق على الزوج يلزم بدفعه بعد الطلاق، إلزام المتزوجين الجدد بتوثيق عقد الزواج أمام المحكمة التي تنظر في ظروف الزوج المادية قبل الزواج، مراعاة شروط هامة قبل الزواج كتقارب الزوجين في العمر ووجود مستوى تعليمي لكليهما وكذا مراعاة الصحة وتقارب المستوى الاجتماعي والاقتصادي بينها، عدم التسرع في عملية الزواج قبل تعارف الشخصين في حدود مقتضيات الشرع، مع ضرورة وجود الصراحة التامة بينهما فيما يخص ظروفهما العامة، تخصيص سكن جديد للأسرة والابتعاد عن تدخلات الأهل والأقارب في أمورها.

"الطلاق أبغض الحلال عند الله" ..مقولة شهيرة..الكثيرون يعرفونها ويتجاهلونها..
الطلاق حل مر لعصمة مقدسة شرط استحالة الاستمرار.
الطلاق لا يعني التخلي عن حقوق الأبناء وتركهم على قارعة المهالك..
الطلاق دون مسؤولية  .. تشرد للأطفال وتهديد للمجتمع بجيل لاعناوين له..
في مجتمع إسلامي يجب التصدي للظاهرة وخلق مجتمع متماسك يعي قيمة الأسرة.

 

لموقع الجديد نيوز 

تقرير: محمد/ سيد ناعمر