تقرير: محمد ولد أعمر/ الجديد نيوز
تلقاهم في الشوارع يلبسون أسمالا رثة، وبالكاد يتحاملون على أنفسهم من الجوع والإرهاق.. يتسولون المارّة وأصحاب المنازل ..
ينامون قرب الجدران وتحت أسطح الإدارات الحكومية..
يعيشون الذل والمهانة، ويتعرضون للاستغلال في العمل الصعب .. على عربة حمار أو ورشة ميكانيكا .. وممارسة التسول في كل مكان..
وجوههم مكفهرة وأجسامهم نحيلة ..
يعيشون على قارعة المجتمع الذي يصمهم بشتى الأوصاف السلبية متناسيا أنه من وفر الظروف الملائمة لوضعيتهم المزرية ..
في العرض التالي: أطفال الشوارع بموريتانيا ... جيل خلقته التحولات .. وأضاعه المجتمع.
أسباب كثيرة وجيل ضائع
تسببت التحولاتت الاجتماعية التي عرفها المجتمع الموريتاني خلال العقدين الماضيين إلى إفراز هذه الظاهرة،
نتيجة انفراط عقد التماسك الأسري، والعلاقات الحميمية التي كانت تربط بين أفراد الأسرة، وتخلت الأخيرة عن مهامها في الضبط الاجتماعي الذي يعني إيجاد أطفال صالحين ومندمجين في مجتمعهم، يضاف لذلك غياب دور مؤثر وحقيقي للمؤسسة الثانية المعنية بالضبط الاجتماعي وهي (المدرسة ) خلال العقدين الأخيرين.
إن تخلى هاتين المؤسستين عن دورهما؛ هو ماسبب وجود هذه الظاهرة التي تنذر بخلق جيل ضائع سيشكل حتما خطرا على مستقبل البلاد، وينذر بوجود فئة متمردة على المجتمع ولاتخضع لنواميسه؛ لأنها تعتبر نفسها ضحية له.
كما أن مثل ها الجيل الضائع قد يكون بؤرة للإجرام والانحلال بسبب غياب التكفل والتأطير والتأهيل لعملية الاندماج المطلوبة في المجتمع.
كما تساهم عملية الفوضى الاجتماعية في قضايا الزواج وسهولة التفكك الأسري بفعل غياب أي رادع لكثير من الآباء بجعلهم يؤدون حقوق أبنائهم في النفقة والكسوة والسكن؛ وتخلى الأمهات عن الحضانة لعدم وجود معيل كلها عوامل تساهم بشكل كبير في تفشي هذه الظاهرة .
فئات متعددة والمأساة واحدة
توجد في موريتانيا فئات متعددة من الأطفال المشردين يتكفل بهم مركز الحماية والدمج الاجتماعي و منها: (أطفال الشارع، والطفل ضحية التسول والاستغلال الاقتصادي، والطفل من دون سند عائلي، الطفل المعرض للإهمال والتشرد، الطفل ضحية العنف داخل العائلة)
وكل هذه المسميات هي لأطفال فقدوا الأم والأب داخل مجتمع وقدسجل المركز 587 طفلا (2010) كما يوجد 143 ألف طفل يحتاجون للمساعدة الإنسانية (الأمم المتحدة)سنة2019.
مخاطر جمة .. وحلول مطلوبة
تتسبب هذه الظاهرة في خلق جيل ضائع يمثل قنبلة موقوتة داخل المجتمع، بما يسببه مستقبلا من كونه سيكون جيلا منحرفا يعادي المجتمع ويسهل احتواؤه من طرف العصابات وامتهانه في كل أنواع الجرائم.
إضافة لذلك فإن وجود جيل من الأطفال الضائعين يعد وصمة عار على المجتمع والدولة خاصة وأننا والحمد لله في مجتمع إسلامي، يكرم الإنسان ويثبت للطفل حقوقا على والديه مع الواجبات طبعا .
الدولة تسعى لمجموعة من الحلول منها: فتح مراكز للحماية والدمج الاجتماعي في مناطق انتشار الظاهرة؛ ولكنها لحد الآن لم تستطع الحد من انتشار هذه الظاهرة المستفحلة، والتي يجب علاجها من خلال مقاربات رادعة للأبوين تتجلى في محاربة أسباب التفكك الأسري (السبب الأول) في الظاهرة، بالإضافة لمساعدة الطبقات الهشة في إعالة أبنائها ومكافحة أسباب التسرب المدرسي بين صفوف الأطفال على وجه الخصوص.
وسن قوانين رادعة وتفعيلها لمعاقبة من يستغلون الأطفال؛ ومحاربة كل الظواهر التي تساهم في تفشي وانتشار الظاهرة المقيتة.
وزيرة العمل الاجتماعي والطفولة "صفية بنت انتهاه" قالت خلال المؤتمرالصحفي للحكومة قبل أيام إن ظاهرة أطفال الشوارع شائكة والحكومة أعدت خطة لمواجهتها وستظهر نتائجها للعيان.
أطفال مشردون ...مجتمع غير متبال ..أسباب متعددة .. ومستقبل غامض ينذر بانفجار قنبلة اجتماعية موقوتة ..
جيل ضائع.. وسلطات تبحث عن الحلول في معمعان الفوضى والتجاهل الاجتماعي .