الطلاق الإلكتروني في موريتانيا.. خصومات وجدل وخوض في الأعراض

 

تقرير : محمد/ سيدناعمر ــ الجديد نيوز

 

خصومات وعتب وجدل كبير عرفته وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا بموريتانيا ...

سباب وشتائم وإفشاء لأسرار أسرية ونقض لميثاق غليظ بأيسر السبل .
جدل  كبير يعرفه الشارع الموريتاني اليوم حول مايسمى "الطلاق الإلكتروني"  الذي بدأت حالات منه في الظهور مؤخرا.
فوضى انتشار الطلاق بموريتانيا والاستخدام العبثي للوسائط الإلكترونية تطرحان تحديا كبيرا في سبيل الوقوف  ضد هذه الظاهرة الخطيرة التي باتت تهدم بيوتا وتستهتر بعصمة الزواج.
الاحتيال من طرف الزوجة، سرقة الهواتف، مزاح الأصدقاء أمور تجعل ثبات  "الطلاق الإلكتروني" في محل شك ..
فقهاء وقانونيون وباحثون يعلقون على هذه الظاهرة ويشرحون الحلول في التقرير التالي .

شهادات من الواقع..

بكاء ونحيب وهروب من بيت الزوجية .. تلك صورة من واقع أليم عاشته مريم ذات صباح شتوى قارس حيث استفاقت على رنة رسالة نصية هاتفية تحمل خبرا حزينا من زوجها المهاجر من سنة "أنت طالق" .. 
كان وقع الصدمة كبيرا عليها  وهي التي تنتظر مولودها الأول منذ أشهر.
عادت بسرعة لبيت أهلها وانتشر الخبر الحزين انتشار النار في الهشيم .
هـُــدِم بيت "المودة والرحمة " برسالة هاتفية لاتكلف كتابتها غير نقر على لوحة الهاتف وغياب للمسؤولية.
صورة ثانية أشد وقعا .. زواج تحول إلى خصومة ..
في العاصمة تزوج  أحدهم بنت أسرة مشهورة بالعلم والورع وقدم لها مهرا  كبيرا وأهداها خاتما من ذهب مع وعد بالتحاقها به في مقامه بالمهجر.
نشرالزوج الخبر عن حسن نية على صفحته بالفيس بوك  ... بدأ الصائدون في المياه العكرة والباحثون عن أسرار البيوت في نصب حبالهم .. النتيجة القاتمة كانت صعوبات جمة في إتمام مراسم نقل الزوجة  بعد أخبار متضاربة عن الأسباب غذتها نيات سوداء وإشاعات مغرضة من طرف الباحثين عن عورات الناس وما أكثرهم في مواقع التواصل الاجتماعي .
كانت هذه الضجة سببا للطلاق من طرف الزوج  ونشره على صفحته في هدم للخصوصيات ؛كما تبادل الطرفان رسائل صوتية فيها الكثير من الخصومة وإفشاء الأسرار إمعانا في هدم بيت كان يجب أن يؤسس على المودة والرحمة. 

تعريف واحد  ونتائج متعددة..

يعرف الطلاق الإلكتروني بأنه الإعلان عن الانفصال الشرعي بين الزوجين عبر وسيلة إلكترونية..
يرى الكثيرون أن هذا النوع من الطلاق يعد استهانة بالزوجة واحتقارا وإهانة لها، كما أنه يعد استهتارا بالميثاق الغليظ ، ويعتبر هذا النوع من الطلاق الوجه السلبي للتكنولوجياـ حسب أحد الباحثين ـ  ويصعب التأكد من صحة هذا النوع من الطلاق في حالة الفوضى في استعمال وسائل التواصل وانتشار الطلاق ـ كما هو الواقع لدينا ـ
كما أن تدخل الأهل والأصدقاء والمزاح الثقيل من طرف البعض وتعرض الهواتف للسرقة أمور تزيد من صعوبة التثبت  من صحة هذا الطلاق بموريتانيا .
في تجسيد لبعض مخاطر هذه الظاهرة تناولت إحدى المنوعات الكوميدية المحلية الظاهرة بطرافة حيث عرضت مشهدا للصّ سرق هاتف زوج ولما أزعجته زوجته  برسائل واتصالات تطلب منه حاجيات كثيرة للبيت رد عليها بدم بارد في رسالة "أنت طالق" فحزنت الزوجة ظنا منها أنها تعرضت للطلاق ..

رأي القانون : الطلاق الإلكتروني صعب الإثبات 

يرى الخبير القانوني عبد الودود ولد خالد  أن هذا النوع من الطلاق يعبر عن استهانة البعض بالعلاقة الزوجية وما يجب أن تحمله من مودة ورحمة .
ويؤكد أنه يصعب إثبات هذا النوع من الطلاق وهنا يجب أن يكون اعتراف الزوج هو الفيصل.
وطالب بوضع آلية تحد من مثل هذا النوع من الطلاق من طرف المشرع، وأضاف أنه يجب على الزوج احترام مشاعر الآخر التي هي حق له فكيف إذا كان المعنى هنا زوجته.
ويقول الخبير إن  الرسائل النصية الإلكترونية  وعن طريق البريد تعتبر وثائق معترفا بها.
ويقول باحثون  إن القوامة وضعتها الشريعة في يد الرجل لأنه يتحكم في الغضب وبالتالي يجب أن يكون الطلاق باعترافه، موضحين أن الطلاق الإلكتروني وسيلة لإثبات الطلاق وليس نوعا جديدا .

الرأي الشرعي:

يرى بعض الفقهاء الذين تواصلنا معهم أن اعتراف الزوج بالطلاق هو الفيصل في الموضوع محذرين من التحايل والفوضى في الطلاق خوفا من فتح باب التساهل فيه.
أما الفقيه سيدي محمد ولد الطلبة فيقول إن الأصل في الطلاق أن يكون بالمواجهة وفي حالة الطلاق الإلكتروني يجب أن يرفق الزوج رسالته الهاتفية برسالة خطية مكتوبة يؤكد فيها الطلاق ويحدد التاريخ ووضع الزوجة وطريقة تأديته للحقوق المترتبة عليه بعد الطلاق .
وأكد الفقيه أن هذه الوسائط يجب أن تبقى محصورة على الإعلام والإشهار ولا تتدخل في أمور البيوت لأن فيها نوعا من الاستهتار، كما ينبغي على الدولة التطييق والتشديد في موضوع الطلاق الإلكتروني.

الأسرة اللبنة الأولى في المجتمع الإسلامي .. شعارها المودة والرحمة .. حماية العرض من كليات الشريعة ..الخوض في الأعراض من المحرمات .. تربية الناشئة والحفاظ عليهم وظيفة الأسرة . إبعاد الحياة الخاصة عن الجدل مطلب شرعي.
الوسائط الإلكترونية نعمة عند توظيفها بشكل صحيح .. ونقمة عند خوضها في خصوصيات الناس وإثارة الفتن والمشاكل.