انتقد نائب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الجمعة العقوبات الأميركية، قائلا إنها تساوي بين كبار المسؤولين في المحكمة و«إرهابيين وتجار مخدرات».
وقال مامي ماندياي نيانغ في مقابلة مع وكالة فرانس برس «قد لا يتفق المرء مع ما نفعله، وهذا يحدث طوال الوقت»، متداركا «لكن حتى لو اختلفنا، لا ينبغي أبدا إدراجنا ضمن اللائحة نفسها مع إرهابيين أو تجار مخدرات. وتلك هي الرسالة» الموجهة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
نتنياهو بوتين
من جهة أخرى، أشار إلى أنّه «من الممكن» عقد جلسة استماع غيابية ضد شخصيات رفيعة المستوى تلاحقها المحكمة الجنائية الدولية، مثل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأسوة بغيره من كبار القضاة في محكمة لاهاي، فرضت إدارة دونالد ترمب عقوبات على نيانغ (65 عاما)، ردا على مذكرة التوقيف الصادرة بحق نتنياهو على خلفية الحرب في قطاع غزة.
وأوضح نائب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أنّ العقوبات تؤثر على عدّة جوانب من حياته الشخصية والعائلية والمالية.
واذ أشار إلى أنّ لها دورها في العلاقات الدولية، أوضح أنّ فرضها على السلطة القضائية الوحيدة في العالم التي تحاكم المشتبه بارتكابهم جرائم حرب، من شأنه أن يهدّد «بنزع الشرعية» عن هذه الهيئة.
وأعرب نيانغ عن أسفه لأنّ مذكرتي التوقيف الصادرتين بحق نتنياهو وبوتين لم تسفرا حتى الآن عن مثولهما أمام المحكمة.
ولا تملك المحكمة الجنائية الدولية صلاحية توقيف متهمين، بل تعتمد على الدول لاعتقالهم ونقلهم إلى لاهاي، وهو احتمال غير وارد في حالتي بوتين ونتنياهو.
ومع ذلك، أشار نيانغ إلى أن المحكمة الجنائية الدولية عقدت مؤخرا جلسة استماع غيابية في القضية المرفوعة ضد زعيم المتمردين الأوغندي الفار جوزيف كوني.
وتعدّ هذه الجلسة سابقة، إذ إنّ المحكمة الجنائية الدولية لا تقعد عادة جلسات استماع في غياب المتهمين.
وردا على سؤال عمّا إذا كان يمكن عقد جلسة استماع مماثلة «لتثبيت التهم» ضدّ بوتين ونتنياهو، قال «هذا أمر يمكن أخذه في الاعتبار. لقد اختبرناه في قضية كوني. إنّه إجراء معقد. ولكن هنا، اختبرناه وادركنا أنّه ممكن ومفيد».
وأوضح أنّ فوائد مثل هذه الجلسة تتمثّل في الحفاظ على الأدلة ومنح فرصة للضحايا لإسماع صوتهم.
ويتطلّب أي طلب لعقد مثل هذه الجلسة موافقة القضاة، وهي جلسة لتثبيت التهم الموجهة إلى المشتبه بهم ولا تعتبر محاكمة.
ضغوط أميركية وروسية
ومطلع الشهر الجاري قالت رئيسة المحكمة الجنائية الدولية، القاضية توموكو أكاني، خلال الاجتماع السنوي للمؤسسة، إن المحكمة لن ترضخ للضغوط من الولايات المتحدة وروسيا.
وفرض الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عقوبات على تسعة من موظفي المحكمة، من بينهم ستة قضاة والمدعي العام الرئيسي، بسبب متابعتهم تحقيقات مع مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، في حين أصدرت موسكو أوامر اعتقال بحق موظفين ردًا على مذكرة اعتقال بحق الرئيس فلاديمير بوتين، بسبب الحرب في أوكرانيا.
وقالت القاضية أكاني، أمام وفود الدول الأعضاء في المحكمة البالغ عددها 125 دولة «نحن لا نقبل أبدًا أي نوع من الضغوط».
وقد أثرت العقوبات سلبًا على عمل المحكمة عبر مجموعة واسعة من التحقيقات، في وقت تواجه فيه المؤسسة المزيد من المطالب على مواردها.
وفي خطابها العام الماضي، حذّرت أكاني من أن المحكمة تتعرض لتهديدات من إدارة ترمب القادمة.
وبعد ثلاثة أسابيع من توليه منصبه للمرة الثانية، وقّع ترمب أمرًا تنفيذيًا يفرض عقوبات على المدعي العام، كريم خان، بسبب تحقيقاته مع إسرائيل، الحليف الوثيق للولايات المتحدة.
وكانت المحكمة قد أصدرت مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير جيشه السابق، يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة.
